13‏/04‏/2009

مقـــــال : فلسفــــــــــة من لا فلســـــــــفة له ...

فلسفة من لا فلسفة له
هيثم المسلمي

الفلسفة ! ما هي الفلسفة ؟ هل هي فكر؟ هل هي اعتقاد أم تصور أم طريقة لفهم الأمور ووضعها في نصابها؟ أم مجرد رأي ولد في لحظة شطحة مابين العقل والنفس؟ بتنا نقرأ أو نسمع عن الكثير والكثير من الفلسفات في زمن ٍ أصبح فيه الكل فيلسوفا ً والكل شاعرا والكل مفكرا."عش ودعهم يموتون" ," المبادئ تأتي أولا" , " التعليم يرقى بسلوكيات الفرد". كلها فلسفات أصبحت تشترى وتباع في سوق عكاظ الألفية الجديدة. فلسفات سياسية واجتماعية سلوكية وتربوية تظهر مابين عشية وضحاها بسرعة خرافية أكثر من حجم الديناصورات فينساق وراءها من ينساق انسياق النياق ويحاربها من استطاع أن يتعصب تبعا لما يحمل عقله من أطنان الرفض. بينما ينسى الجميع أن الفلسفة ليست هي الإله المعبود و إنما هي فكرة أو تجربة خدشت حياء تفكير صاحبها فلم يستطع أن يحتفظ بها لنفسه ثم انتشرت بسرعة البرق- طالعة من بيت أبوها رايحة لبيت الجيران – هذا إذا كان هنالك بيتٌ للجيران أصلا !
أتذكر عندما أخذنا مقررا يختص بالفلسفة في الجامعة الحبيبة قبل سنة ونصف تقريبا حينها عرضت علينا الأستاذة الفاضلة سيلا من فلسفات أرسطو وأفلاطون وأحلام المدينة الفاضلة وتراجيديات سوفقليس , ثم طلبت منا أن نختار احد الفلسفات ( أي نتبناها في حياتنابما يتوافق مع ديننا الإسلامي ). مصيبة الأمر أن هنالك سؤالا أتى في الامتحان النهائي مشددا على أن يقوم كل طالب باختيار فلسفة ما من تلك الفلسفات ثم يبين بالتفصيل لماذا أختارها. حينها قفز العناد إلى رأسي بطريقة هوليودية لم أصدقها أنا بنفسي وقررت ترك السؤال بدون إجابة. جاءت الأستاذة تسألني لماذا لم أجب على السؤال إياه ؟ فأجبتها أن الفلسفات لا تملك صواريخ أو قنابل نووية لتستعمر عقلي وعندما تتسلح نوويا وبيولوجيا بما فيه الكفاية – عذرا لأصحاب الشأن - حينها , وحينها فقط سأفكر في مسألة تبني واحدة منها ولكني لن أربيها في دور الحضانة التابعة لعقلي لتستعمره رويدا رويدا لأن الاستعمار الذي يتخفى خلف مصطلح الإصلاح لن يكون تعريفه إلا استعمارا.
. في الحقيقة هنالك مفترق طرق وضع لنا جميعا لا نحيد عنه ويتمثل في ثلاثة اتجاهات.أولا: هل ينبغي علينا أن نسلك فلسفة خاصة ليقال أننا أصحاب طريقة أو فلسفة معينة في التفكير ؟ إذا فما الذي يميز فلسفة عن أخرى؟ ومن هي الفلسفة الصادقة والفلسفة الكاذبة؟ ما هي خلفية الفلسفة الفلانية ومن أين أتت ولماذا أتت؟ والى أين ستقودنا؟ ثانيا: هل يتوجب علينا تبني فلسفات الغير؟ إذا أين حرية التفكير و الإبداع والبناء الذاتي ومحاسبة النفس؟وما أدرانا بأن الغير لا يختلفون في أنماط تفكيرهم وعقلياتهم عنا حتى نتبنى فلسفاتهم أو آراءهم؟ ثالثا: أن نؤدي دور المتفرج بين هذا وذاك؟ إذا سنقف كالأعمدة الحجرية نرقب احتدام المعركة ونقف بلا فلسفة ليعتبرنا البعض أننا غير مثقفين أو لا نفقه في الحياة شيئا أو جبناء بمقاييسهم هم ؟ فنخرج من- المولد بلا حمص- ثم نقع في فخ العديد من المصطلحات كدول العالم الثالث و المناطق المهمشة أو دكة الاحتياط مع العلم أن هذه المصطلحات جاءت من عقول بشرية ربما كانت أراء أو فلسفات أو توجهات .وأخيرا , إني أتساءل , إلى أين يمضي هذا العالم المجنون بكل فلاسفته ولا فلاسفته !

ليست هناك تعليقات: